بسم الله الرحمن الرحيم مقالة للأستاذ القدير حسن خليفة *
بعد غياب قهري امتد لأشهر ، عاد إلى الظهور موقع الإمام عبد الحميد بن باديس الذي سبق إطلاقه من قبلُ ، ضمن مجموعة الشهاب ،والتي كانت تضم ” موقع مالك بن نبي” ـ الذي نأمل إطلاقه من جديد في آجال قريبة ـ وموقع “ضفاف الإبداع” الذي تعرض بدوره للتعطل إثر إعطاب تقني لمرتين متتاليتين وعاود ـ بدوره ـ الظهور ـ.. ، وموقع “الشهاب للإعلام” الذي اختفى لفترة ثم أطلق في شكله الاعتيادي السابق ، مشتملا على الكثير من المحاور والأقسام المهمة ؛ بوصفه موقعا إعلاميا، فكريا تحليليا …
إذن عاد موقع الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى الظهور في حلة جديدة وأنيقة ، بمحاور وأقسام منها:
الرئيسية | النبراس المنير | جمعية العلماء المسلمين | رواد الإصلاح | أبحاث ودراسات | لقاءات الخ .
-
صفحات عفاف عنيبة: وهو فضاء مفتوح للكاتبة والإعلامية الأستاذة عفاف عنبية التي تكتب بالعربية والفرنسية ، وهي من الكاتبات الدائمات في صحيفة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .كما اشتمل على وحدات ترويجية ووصلات لمواقع وفضاءات مختلفة كضفاف الإبداع ، والشهاب ، وفيكوس .نت ، وجريدة البصائر ، وابن باديس للعلوم، ووسام العالم الجزائري، وتعريف بالجزائر (عن الجزائر)…إلى جانب وحدة ترويجية للفضاء الإعلامي الجزائري كله ، وهي خدمة ممتازة تتيح للزائر الاطلاع على كامل الفضاء الإعلامي الجزائري مسموعا ومكتوبا .
يقرأ المتصفح للموقع الجديد عددا من المواد الإعلامية والعلمية التي تدور في معظمها في فضاء فكر جمعية العلماء المسلمين الجزائرييين وإمامها ورئيسها الأكبر الشيخ عبدالحميد بن باديس ؛ انطلاقا من أن الموقع أصلا هو للتعريف بتراث جمعية العلماء والشيخ عبد الحميد بن باديس .ومن ثم كان أكثر مادته تتصل بحياة ابن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي وسواهما من رواد الإصلاح في الجزائر المسلمة المعاصرة .
لنا كلمة هنا…
وبالرغم من جمالية الموقع وأهمية مضامينه ومحاوره ،لكن هاهنا كلمة حق أريد أن أقولها بصراحة ووضوح ومسؤولية :
إنه من العار على مجتمع ـ شعبا ونظاما ،وجامعات ومؤسسات وإدارات ورجالا ونساء … ـ مجتمع كان لابن باديس ذلك الفضل الكبير عليه: تربية وإعدادا وتعليما وتكوينا وإحياء ونهوضا …عار أن يكون رد الجميل والعرفان له بهذا الشكل المحزن والمخزي. فلا يوفر له حتى الحد الأدنى من “الحضور”والتعريف بحياته وكفاحه وجهده وعلمه ودعوته ..وأنا أقول هذا الكلام ؛لأنني عايشت فترة ولادة الموقع منذ انطلاقته الأولى..
إن الموقع أصلا كان مبادرة و اجتهادا من عدد بسيط من الشباب ـ من عنابة ـ التمعت الفكرة في رؤوسهم واجتهدوا ـوهم دون أي إمكانيات ـ في تجسيدها بهدف أساسي رئيس هو :التعريف بابن باديس وتراث جمعية العلماء المكنون ، والتعريف بالجزائر وتاريخها وكفاحها الثقافي والتربوي والعلمي ، فضلا عن السياسي ضد عدو استيطاني شرس لايعرف الرحمة …
وأذكر كم سعى هؤلاء الشباب، وسعيتُ معهم …لاستقطاب واستكتاب واستدرار واستعطاف الكثيرين هنا وهناك …طلب دعم معنوي: يتمثل في توفير الحد الأدنى من “الكتابات” والوثائق والمستندات والصور ، ودعم معنوي آخر: يتمثل في تكوين هيئة مشرفة متمرسة مطلعة ، ودعم مادي يتمثل في بعض ما يمكن أن يكون “هدايا” و”جوائز” لمسابقات تُطلق حينا بعد حين ،تعريفا للأجيال بتراث آبائها وأجدادها ، ووصل الأمر ـ بسبب غبائنا أو سذاجتنا أوهما معا ـ أن أطلقنا مسابقة امتدت على مدار شهركامل وتحدثنا عن جوائز قيمة ؟؟، بناء على “وعود” البعض بالمساهمة “الجادة” في تلك المسابقة ،ولكن الفاجعة كانت كبيرة ،عندما اقترب أمر إعلان النتائج ، فلم نجد أحدا ؟؟؟
في المجمل لست أبالغ إذا قلتُ إننا لم نترك “مقصدا” نظن أن فيه ما يلبي بعض الحاجة إلا وقصدناه :…كبعض المؤرخين ،والكتاب،والمخابر العلمية،و الجامعة الإسلامية ، ومؤسسة ابن باديس ، وجمعية العلماء ،ومؤسسات إعلامية ،ومؤسسات نشر وإشهار،وتلاميذ جمعية العلماء ..وكان أحد أهم المطالب هو توفير التراث العلمي والثقافي للجمعية عموما ولشخص الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس بشكل أخص ، توفيره ليكون “مادة متاحة ” الكترونيا للقراء والباحثين والمهتمين والمتابعين ،وحتى الفضوليين …ولكن ؟ هل يسمع الميت؟
لقد قصدنا البعض من “المسائيل”(=المسؤولين) وفيهم من عنده “صرعوفة” من السكرتيرات واقترحنا ببساطة وصدق: أن يعهد إلى بعض السكرتيرات بكتابة نصوص من آثار الشيخ عبد الحميد بن باديس ، وبعد تصحيحها وتدقيقها تُنشر في الموقع ـ مع الإشارة إلى المصدر ـ ويكون ذلك ، في حد ذاته ، جهدا مشكورا ومشهودا له في خدمة الأمة والمجتمع ،من خلال نشر بعض مقالات وكتابات الشيخ ابن باديس ..ولكن ؟؟
وهكذا “ظهر “موقع الشيخ عبد الحميد بجهود أولئك الشباب الطيبين ورعته الشهاب ، وامتد تأثيره المبارك هنا وهناك ، ولكن دون أي “حراك” ممن يجب أن يعنيهم الأمر ،وما أكثرهم حين تعدهم ..ولو تحركوا لكان الموقع شيئا آخر نفخر به جميعا.
وبقي الموقع يناضل ويكافح ؛حتى اختفى لأسباب تقنية أو غير تقنية ،ولم يفتقده أحد..ولم يسأل أحد ممن يعنيهم الأمر أيضا ،وهم كثر،ولم يتأثروا ، ولم يقولوا: عيب علينا ..في حق تاريخنا وعلمائنا…عيب ألا يكون لبلدنا حضور بحضور علمائه في “الفضاء الكوني ـ الانترنيت” ..لم يتحرك أحد …حتى الآن..نعم حتى الآن .
حتى جمع الشباب الأول أنفسُهم قواهم ، وهم غير ذي قوة ،وغير ذي طول أو نفوذ أو مال أو …
جمعوا جهدهم وأعادوا “النبض” إلى حروف ابن باديس والروح إلى كلماته الطيبات المباركات..هو وصحبه من الأخيار الطيبين الكرام …بجهود خاصة بسيطة ، بعمل موصول ، باجتهاد مع الشعور بالتقصير …كما يقولون .
هل يحتاج الأمر إلى “ملايير” ؟ لا ..ولكننا نعلم أن الملايير تُنفق يمينا وشمالا فيما لايفيد ولا يسمن ولا يغني . بل فيما يسيء إلى الأمة وإلى الإنسان .تُنفق في التبندير والشطيح وهز الأرداف ..وتعليم الخبائث والموبقات للشباب والشابات في مثل “ألحان وشباب” ؟؟
..ونعلم أن الملايير موجودة وتُصرف في أيام معدودة على أنشطة وفعاليات لاقيمة ثقافية لها ولاتربوية ، وعلى وعدات وزردات وشخاشيخ ..وأعراس وأفراح ، تنتهي “صلاحيتها”ـ إن وُجدت بانتهاء الاحتفالية ذاتها …فيما تبقى صلاحية فكر ابن باديس وصحبه في العقول والنفوس ، نماء في الصلاح وقوة في الوطنية ، وثقة وعزة في النفس ، وخدمة حقيقية للوطن والبلد والشعب ..
هل يحتاج الأمر إلى جيش من العاملين والموظفين ؟ لا
فإنه يكفي في مؤسسة متوسطة بسيطة كمؤسسة ابن باديس ـ يا للمفارقة ؟ ـ أن يُعهد إلى ثلاثة أو أربعة من الشباب بتأطير من بعض الأساتذة بإعداد كل ما يلزم لإطلاق فضاء يكون في مستوى ومقام وقامة وعمق وجهاد عبد الحميد بن باديس : …كتاباته، وكتابات عنه، وصور، وشهادات، ووثائق ،وكل ما يلزم ..بما يعطي فكرة صحيحة واسعة عن عبدالحميد وعمله ودعوته وتربيته ودروسه وخدمته لوطنه ..وصورة أوضح عن شعبه وطول نفَسه في المصابرة والمقاومة ..على مدار عقود طويلة، وهو مالا يوجد لدى أي شعب آخر على الإطلاق ..
ياللعار ..كيف لوطن أن يحيا و يفتخر بنسبة نموه،وأعداد طلابه الجامعيين ،وعديد أساتيذه وإطاراته ، و وفير مؤسساته ،وكثير ماله ، و…,و ….ويغيب عنه أن يقدم عربون الوفاء لعلمائه وأعلامه ممن أحيوه بعد موات وأقاموه بعد بعد سقطاته
..تعسا لمجتمع ـ بكل مكوناته ـ… إذ يعجز عن أن يقدم أبسط “معروف “لرواده وقادته ..وهذا المعروف هو امتداد ذكرهم والترحم عليهم ، والوفاء لما دفعوا حياتهم من أجله .
لم و لن يحتاج الأمر إلا إلى قليل ..قليل …قليل من المال ،
قليل …قليل ..من الوفاء
…قليل ..قليل من الرؤية السليمة، والصدق مع النفس ..
..فكيف نعجز مجتمعين على مثل هذا .
حسبنا الله ونعم الوكيل .
————————–
*أستاذ جامعي ، وكاتب صحفي .
للاطلاع على الموقع انظر العنوان التالي :
السلام عليكم
” حقاً تعساً له ”
في وقت لم نعد نجد فيه هؤلاء العلماء أصلاً …!