صدأ القلوب

كتبته لكم كريمة              بسم الله الرحمن الرحيم

يتغير قلب الإنسان كما يتغير الإنسان نفسه ، لذا يجوز لنا أن نشبه القلب بالمعدن ، فحين يولد الإنسان يكون قلبه الأبيض البريء على صغره كبيرا ، فهو يحب بصدق و يضحك من أعماقه و لا يعكر صفو مزاجه أي شيء ، فهو إذن من ذهب لا يتآكل و لا يصدأ و لا تشوبه شائبة .. و حين يتقدم السن به قليلا يتحول القلب إلى معدن آخر…

kouloub

و مهما اختلفت أنواع هذه المعادن التي يصير إليها قلب الإنسان، فإنها جميعا تشترك في كونها تتآكل و تتسع و تضيق و تسود و يغطيها الغبار و الصدأ...

تصدأ القلوب حين لا نحس أن لنا ربا عظيما خلقنا عبادا لنعبده و نتضرع إليه، نستغفره و نذكره و نستشعر وجوده في كل لحظة و ثانية من حياتنا..

تصدأ القلوب حين تكون ابنا ، و تمر أيام كثيرة تنسى أن ترسم ابتسامة على وجه والديك بتقبيل أيديهم أو إلقاء التحية عليهم أو حتى السؤال عن أحوالهم و مشاعرهم

تصدأ القلوب حين تكون زوجا أو زوجة ، و تنسى أن تعبر عن مشاعرك لشريك حياتك، تنسى أن تعبر عن شكرك و امتنانك لكل ما يفعله لأجلك

تصدأ القلوب حين تنسى أن تتصل بأصدقائك فقط لتسأل عن أحوالهم ،أو حين تنسى أن تدق باب جارك لتشاركه لقمة أو جولة …

تصدأ القلوب حين تخرج كل يوم للعمل، وتمر بأناس أو تدخل محلا دون أن تلقي التحية عليهم أو تشكرهم، أو حين تبخل بابتسامتك على الآخرين لأنهم لا يوافقونك الرأي أو المذهب…

تصدأ القلوب حين نتجاهل عواطفنا و ننسى أن إبداء الحب و الاهتمام بالآخرين هو جوهر إنسانيتنا ، حينها نفقد الإحساس بنبض قلوبنا ، ولا نعود قادرين أن نعي ما يختلجها من مشاعر…

و يزول الصدأ حين نعيش إنسانيتنا بكل معانيها،نؤدي واجباتنا اتجاه خالقنا و اتجاه المحيطين بنا،

و نغذي علاقاتنا بالتواصل و الصدق و المحبة…